من أعجب ما رأيت خلال إقامتي في بريطانيا هو انتشار دين الله على يد جماعة الدعوة أو ما يسمون بالأحباب. و لست هنا لأصنف هذه الجماعة أو أدعو إليها و إنما سأقف على كثيرا من حسناتهم التي رأيتها بعيني خلال العشرون شهرا الماضية. فقد اهتدى و أسلم على أيديهم الآلاف.
و من الظلم أن نعمم وصفا واحدا على هذه الجماعة فهم يتفاوتون في أحوالهم و أوضاعهم و لكن سأذكر الجوانب الطيبة لهم و التي ينبغي على كل مسلم أن يهتم بها منها تجردهم من التعلق بالدنيا و إقبالهم على الله سبحانه و تعالى فلا يهمهم إلا تبليغ دين الله و إقبال الناس على المساجد و المحافظة على الصلاة
و لهم منهجا لا يكادون يحيزون عنه فيلقون كلمات مكررة بأسلوب جميل جدا مبتدأة بتعظيم و إخلاص الله ثم يتكلمون عن بلاء الأنبياء و الصحابة في الدعوة إلى الله ثم يطلبون من الحاضرين دلالتهم على بيوت المسلمين في نفس المدينة ثم يذهبون ويتجولون في أنحاء المدينة فيحثون الناس على الصلاة و يدعونهم للمساجد.
و من آثارهم أنك ترى المسجد يمتلأ بالمصلين في تلك الأيام و ترى وجوها جديدة لم تعهدها من قبل حتى من العجائب أنهم طرقوا الباب على أحد المسلمين و ذكروه بالله و طلبوا منه الصلاة في المسجد فقال لهم إن لي عشرون سنة في هذه المدينة و لم أعلم أن بها مسجدا
و مع أني سكنت في مدن صغيرة نائية إلا كنت أراهم في كل مكان وبشكل مستمر فكنت أقول متأملاً سبحان الله كيف وصل دين الله لإصقاع الأرض حتى في نواحي ديارالكفار مصداقاً لقول النبي صلى الله عليه و سلم " لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الدِّينُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ ، وَلا يَتْرُكُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بَيْتَ مَدَرٍ وَلا وَبَرٍ إِلا أَدْخَلَهُ اللَّهُ هَذَا الدِّينَ ، بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ ، عِزٌّ يُعِزُّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ الإِسْلامَ ، أَوْ ذُلٌّ يُذِلُّ بِهِ الْكُفْرَ "