الأحد، أكتوبر 14، 2012

يعمل عمل أهل النار فيما يبدو للناس


في الشهر الماضي تفاجئنا عقب صلاة الجمعة إذ برجل ولزي لا نعرفه يبحث عن الإمام فأوصلناه للإمام فلما قابله أخبره بأن صديق له منوم بالمستشفى و يعيش أيامه الأخيره بسبب السرطان الذي هد جسده وأنه يريد أي أحد من جماعة المسجد زيارته لإنه يريد الموت على الاسلام و يريد منهم الصلاة عليه و دفنه مع المسلمين و على طريقة الاسلام. و بالفعل استجاب الشيخ مروز و قام بزيارته في اليوم التالي و رفض استقبال أي أحد لكن عندما عرف أنه من المسجد سمح له بالدخول و قد وجده بالفعل في وضع صحي سيء و أصر عليه بأن إذا وافته المنية أن يدفن من المسلمين و أن يصلوا عليه.
و ما هي إلا أيام حتى يتلقى أهل إمام المسجد مكالمة في وقت متأخر من منتصف الليل من دار الرعاية الصحية و لم يكن متواجدا في بيته. فاتصلوا بالأخ عبدالمجيد الجزائري و طلبوا منه الحضور بناء على رغبة الشخص المنوم لديهم فأغلق الهاتف في وجههم. ثم أنبه ضميره و كأن أمر ما قد قدر لهذا الرجل ... فعاود الاتصال عليهم ليستفسر فأخبروه بأن رجل يصارع الموت و قد كتب الوصية بأربعة أشخاص و أنت واحد منهم  أن يأتوا إليه. فانتبه الأخ عبدالمجيد  وقال لها اكتبي ما أقول لك و اطلبي منه أن يرددها حتى آتيك و أملاها الشهادة وسأحضر إليكم فوراً.
و بالفعل ما هي إلا لحظات و وصل إليه و هو في لحظاته الأخيرة ففتح عينه بكل صعوبة فقال الأخ عبدالمجيد قل لا إله إلا الله فقالها ثلاث مرات و رفع سبابته ثم فارق الحياة بهذه الخاتمة الطيبة التي يتمناها ملايين المسلمين كما أخبرنا النبي صلى الله عليه و سلم بأن " من كان آخر كلامه من الدنيا لا إله إلا الله دخل الجنة ".
ثم قدر الله لي أن استقبل جنازته بالمسجد و لي فيها وفقة أخرى أولها أني رأيت سبابته المشيرة بالتوحيد و التي فارق الحياة عليها و ثانيها أنه جاء بمفرده لا اب و لا أخ و لا قريب و لا صديق و لا أحد سوى الشركة التي قامت بنقل جثمانه. فرأيت عظمة الاسلام عندما قام الإخوة بتغسيله و تكفينه و تطيبه و تجهيزه أحسن تجهيز و هم لا يعرفونه و لم يرونه من قبل بل إنهم تكفلوا بجميع التكاليف و التي تقدر بعشرة آلاف ريال تقريبا لإنه إذا لم يتم الدفع فإنه يحرق بالمحرقة.
و نحن في هذه الأثناء إذ دخل علينا صديقه و كان قد تم الانتهاء من تجهيزه و طلب إلقاء النظر عليه . فدخل عليه و كان مرتبا مطيبا مجهزاً فذهل من فعلنا و قال من أنتم ؟ و لماذا قمتم بهذا المجهود ؟ و كاد أن يبكي من المشهد و استحى و قال لي هل مسموح لي  أن أبكي فهو صديقي منذ 30 سنة و قد قمت باسعافه مصادفة ( لإنه يعمل مسعف) أحد الأيام و قد انقطعت عنه منذ فترة و قد كان يخبرني عن الإيمان و أنه يريد أن يموت على الاسلام وقد مات على ذلك. فتذكرت قول الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم  كما في صحيح البخاري (إن الرجل ليعمل عمل أهل النار ، فيما يبدو للناس ، وهو من أهل الجنة ). مات ديفيد و لكن لا يعرف ما سبب إسلامه و من دله على الاسلام و ما سر هذه الخاتمة ؟ و لكن لا تخفى على علام الغيوب سبحانه و تعالى ... اللهم اغفر لعبدك ديفيد و تجاوز عنه و اجعله مثواه إلى جنات النعيم.