في الشهر الماضي تفاجئنا عقب صلاة الجمعة إذ برجل
ولزي لا نعرفه يبحث عن الإمام فأوصلناه للإمام فلما قابله أخبره بأن صديق له منوم بالمستشفى
و يعيش أيامه الأخيره بسبب السرطان الذي هد جسده وأنه يريد أي أحد من جماعة المسجد
زيارته لإنه يريد الموت على الاسلام و يريد منهم الصلاة عليه و دفنه مع المسلمين و
على طريقة الاسلام. و بالفعل استجاب الشيخ مروز و قام بزيارته في اليوم التالي و رفض
استقبال أي أحد لكن عندما عرف أنه من المسجد سمح له بالدخول و قد وجده بالفعل في وضع
صحي سيء و أصر عليه بأن إذا وافته المنية أن يدفن من المسلمين و أن يصلوا عليه.
و ما هي إلا أيام حتى يتلقى أهل إمام المسجد مكالمة
في وقت متأخر من منتصف الليل من دار الرعاية الصحية و لم يكن متواجدا في بيته. فاتصلوا
بالأخ عبدالمجيد الجزائري و طلبوا منه الحضور بناء على رغبة الشخص المنوم لديهم فأغلق
الهاتف في وجههم. ثم أنبه ضميره و كأن أمر ما قد قدر لهذا الرجل ... فعاود الاتصال
عليهم ليستفسر فأخبروه بأن رجل يصارع الموت و قد كتب الوصية بأربعة أشخاص و أنت واحد
منهم أن يأتوا إليه. فانتبه الأخ عبدالمجيد وقال لها اكتبي ما أقول لك و اطلبي منه أن يرددها
حتى آتيك و أملاها الشهادة وسأحضر إليكم فوراً.
و بالفعل ما هي إلا لحظات و وصل إليه و هو في لحظاته
الأخيرة ففتح عينه بكل صعوبة فقال الأخ عبدالمجيد قل لا إله إلا الله فقالها ثلاث مرات
و رفع سبابته ثم فارق الحياة بهذه الخاتمة الطيبة التي يتمناها ملايين المسلمين كما
أخبرنا النبي صلى الله عليه و سلم بأن " من كان آخر كلامه من الدنيا لا إله إلا
الله دخل الجنة ".
ثم قدر الله لي أن استقبل جنازته بالمسجد و لي فيها
وفقة أخرى أولها أني رأيت سبابته المشيرة بالتوحيد و التي فارق الحياة عليها و ثانيها
أنه جاء بمفرده لا اب و لا أخ و لا قريب و لا صديق و لا أحد سوى الشركة التي قامت بنقل
جثمانه. فرأيت عظمة الاسلام عندما قام الإخوة بتغسيله و تكفينه و تطيبه و تجهيزه أحسن
تجهيز و هم لا يعرفونه و لم يرونه من قبل بل إنهم تكفلوا بجميع التكاليف و التي تقدر
بعشرة آلاف ريال تقريبا لإنه إذا لم يتم الدفع فإنه يحرق بالمحرقة.
و نحن في هذه الأثناء إذ دخل علينا صديقه و كان
قد تم الانتهاء من تجهيزه و طلب إلقاء النظر عليه . فدخل عليه و كان مرتبا مطيبا مجهزاً
فذهل من فعلنا و قال من أنتم ؟ و لماذا قمتم بهذا المجهود ؟ و كاد أن يبكي من المشهد
و استحى و قال لي هل مسموح لي أن أبكي فهو
صديقي منذ 30 سنة و قد قمت باسعافه مصادفة ( لإنه يعمل مسعف) أحد الأيام و قد انقطعت
عنه منذ فترة و قد كان يخبرني عن الإيمان و أنه يريد أن يموت على الاسلام وقد مات على
ذلك. فتذكرت قول الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم كما في صحيح البخاري (إن الرجل ليعمل عمل أهل النار
، فيما يبدو للناس ، وهو من أهل الجنة ). مات ديفيد و لكن لا يعرف ما سبب إسلامه و
من دله على الاسلام و ما سر هذه الخاتمة ؟ و لكن لا تخفى على علام الغيوب سبحانه و
تعالى ... اللهم اغفر لعبدك ديفيد و تجاوز عنه و اجعله مثواه إلى جنات النعيم.